ديزني بين الشمولية الثقافية والسطحية الفنية: أين توازن 2025؟
تاريخ النشر: 2025 | تحليل: Aravaz Cultural Media Review
مقدمة: من عالم واحد إلى عوالم متعدّدة
تواجه ديزني في عام 2025 تحديًا كبيرًا: كيف تجمع بين هدفها المعلن في تمثيل كل الثقافات، وبين الحفاظ على المستوى الفني الذي جعلها أيقونة عالمية؟ مع تصاعد خطاب الشمولية والتنوع في السينما العالمية، دخلت الشركة في سباق ثقافي حاد، أدى أحيانًا إلى فقدان التوازن بين الرسالة الفنية والرمزية الاجتماعية.
سياسة الشمولية الجديدة في ديزني
منذ 2022، تبنت ديزني ما تسميه “سياسة التمثيل المتوازن”، التي تفرض تنوعًا عرقيًا وجندريًا في جميع أعمالها الكبرى. يبدو هذا القرار في ظاهره تقدميًا، لكنه أثار جدلاً حول مدى تأثيره على الفن نفسه. إذ يرى بعض النقاد أن التركيز المفرط على الهوية يمكن أن يحوّل الفيلم من عمل فني إلى بيان اجتماعي.
بحسب تقرير Variety لعام 2025، تم تعديل أكثر من 60% من مشاريع ديزني خلال مرحلة التطوير لضمان “تمثيل شامل”، وهو ما انعكس أحيانًا على بساطة الحبكة وتكرار الرسائل الأخلاقية.
عندما تصبح الرسالة أهم من القصة
في أفلام مثل The Little Mermaid (2023) وWish (2023) وMoana 2 (2025)، يلاحظ المشاهد أن التركيز على التنوع يفوق الاهتمام ببناء القصة نفسها. فبدلاً من تطور الشخصيات من الداخل، يتم إبرازها عبر صفاتها العرقية أو الجندرية. هذه المقاربة تُنتج أبطالاً رمزيين، لكنها تسلب القصة من تعقيدها الإنساني الطبيعي.
كتب الناقد ريتشارد لوسون في Vanity Fair: “ديزني لا تروي قصصًا بقدر ما تصمم شعارات بصرية عن التعدد، حتى لو كان ذلك على حساب السرد المتماسك.”
البعد التجاري: تنوع مدروس لأرباح مضمونة
من الناحية الاقتصادية، يمكن القول إن الشمولية ليست فقط مبدأ أخلاقيًا بل أيضًا استراتيجية تسويقية. فديزني تستهدف أسواقًا جديدة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ولذلك من المنطقي أن تدرج شخصيات تمثل تلك الثقافات. لكن حين تصبح هذه الاستراتيجية ميكانيكية، تفقد قدرتها على الإقناع.
تقرير The Hollywood Reporter أشار إلى أن "ديزني تنظر للتنوع كأصل استثماري وليس كتطور فني"، ما يجعلها تُدخل شخصيات متعددة دون دراسة كافية لانسجامها مع القصة الأصلية.
السطحية الفنية: ضريبة الإرضاء الشامل
حين تسعى شركة عملاقة مثل ديزني لإرضاء جميع الثقافات في فيلم واحد، ينتهي بها المطاف بإنتاج عمل يفتقر إلى عمق فني. فبدلاً من التعبير عن ثقافة بعينها بصدق، تقدّم نسخة عالمية معقّمة منها، لا تنتمي لأي مكان. وهذا ما جعل بعض النقاد يصفون أعمال ديزني الأخيرة بأنها "بلا هوية محددة".
الموقع IndieWire ذكر في تقريره السنوي لعام 2025 أن “ديزني أصبحت تُنتج أفلاماً متوازنة إحصائيًا، لكنها فارغة وجدانيًا.”
ردود الفعل الثقافية العالمية
في العالم العربي والآسيوي، أثارت بعض أفلام ديزني الأخيرة انتقادات تتعلق بتغيير التراث أو تحريف الرموز الثقافية بحجة التمثيل. في المقابل، هناك جمهور واسع يرحب بهذا الانفتاح ويرى أنه يعكس واقعاً جديداً يجب تقبّله. الصراع هنا ليس بين الخير والشر، بل بين الأصالة والتمثيل المتوازن.
بين النية والتأثير: هل يمكن تحقيق التوازن؟
الشمولية ليست خطأ بحد ذاتها، بل تتحوّل إلى مشكلة حين تصبح بديلاً عن الفن. يمكن لعمل سينمائي أن يكون شاملاً دون أن يكون دعائيًا. التحدي الحقيقي أمام ديزني في 2025 هو أن تجد نقطة الالتقاء بين صدق الرسالة وجمال الحكاية، بين تمثيل الجميع وسرد قصة تستحق أن تُروى.
التحليل الإعلامي الختامي
يمكن القول إن ديزني في 2025 تقف عند مفترق طرق بين السوق والرسالة. فهي شركة تريد أن تواكب العالم الجديد، لكنها في الوقت ذاته مطالبة بالحفاظ على جوهرها الفني الذي بناه والت ديزني نفسه. وما لم تستعد التوازن بين الأصالة والتنوع، ستبقى أفلامها معلّقة بين النية النبيلة والتنفيذ الميكانيكي.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
هل الشمولية في أفلام ديزني مجرد تسويق؟
جزئيًا نعم، فديزني تستخدم التنوع كأداة تسويقية لتوسيع قاعدة جماهيرها حول العالم.
هل تسبّب هذا التوجه في ضعف فني فعلاً؟
وفقًا لتحليلات نقدية، التركيز الزائد على التمثيل أضعف البناء الدرامي في بعض الأفلام الأخيرة.
هل يمكن تحقيق توازن بين التنوع والجودة الفنية؟
نعم، إذا تم التعامل مع التنوع كعنصر سردي طبيعي وليس كواجب إحصائي.
