الحنين كسلاح تسويقي: كيف تستخدم ديزني ذكريات الماضي لإبقاء الجمهور وفيًّا؟

 

الحنين كسلاح تسويقي: كيف تستخدم ديزني ذكريات الماضي لإبقاء الجمهور وفيًّا؟

تحليل جدلي معمق حول كيفية استغلال ديزني لعاطفة الحنين لدى الجماهير عبر إعادة إنتاج الكلاسيكيات القديمة في صورة حديثة، وكيف تحولت الذاكرة الطفولية إلى أداة تسويقية فعّالة في عام 2025.


يقول الفيلسوف الفرنسي بول ريكور إن “الحنين هو ذاكرة تبحث عن مأوى”، وربما لم تُجِد أي شركة في العالم استغلال هذا المأوى العاطفي مثل ديزني. فمنذ منتصف العقد الماضي، تحوّل الحنين إلى الطفولة إلى أداة تسويقية مركزية، تعيد من خلالها الشركة بناء علاقة عاطفية مع جمهورها، ليس عبر الجديد، بل عبر إحياء القديم في صورة أكثر لمعانًا.

عودة الكلاسيكيات في ثوب جديد

من The Lion King إلى Aladdin وThe Little Mermaid، لم تعد ديزني تكتفي بعرض النسخ الأصلية، بل أعادت إنتاجها بتقنيات حديثة ورسوم رقمية واقعية. هذه الأفلام لا تستهدف الجيل الجديد فحسب، بل أولئك الذين كبروا مع النسخ الأصلية، في استثمار ذكي للذاكرة الجمعية.

الحنين كاستراتيجية عاطفية

يصف بعض النقاد هذه الظاهرة بـ “اقتصاد الحنين”، حيث يتحول الماضي إلى سلعة. ديزني تستخدم الصور، الألحان، وحتى الحوارات القديمة لإيقاظ مشاعر دفينة لدى المشاهدين. إنها لا تبيع فيلمًا فحسب، بل “إحساسًا بالعودة إلى زمن أبسط”.

الجانب النفسي: لماذا ننجذب إلى ما نعرفه؟

تؤكد دراسات علم النفس أن الحنين يمنح شعورًا بالأمان في عالم سريع التغير. في زمن التكنولوجيا والقلق الوجودي، تمثل أفلام ديزني الكلاسيكية مرجعًا عاطفيًا ثابتًا. وهذا ما يجعل الجمهور يشعر بالدفء حتى لو كان يشاهد قصة قديمة بوجه جديد.

النقد: هل نفدت إبداعات ديزني؟

لكن خلف هذا النجاح، يطرح النقاد تساؤلات جادة: هل يعكس هذا التوجه نقصًا في الإبداع؟ يرى البعض أن الاعتماد المفرط على إعادة إنتاج الماضي قد يعيق الابتكار الفني. فبدل أن تخلق عوالم جديدة، تكتفي ديزني بإعادة تلميع الذاكرة.

الجانب الاقتصادي للحنين

إحصاءات عام 2025 تشير إلى أن أفلام إعادة الإنتاج تحقق عائدات تتجاوز غالبًا 1.2 مليار دولار عالميًا، متفوقة على الأفلام الأصلية الجديدة. هذا النجاح التجاري جعل من الحنين استراتيجية تسويقية مضمونة الربح أكثر من المخاطرة بالإبداع.

التوازن بين الذكرى والتجديد

رغم الانتقادات، فإن بعض التجارب أظهرت قدرة ديزني على الدمج بين الأصالة والابتكار. فيلم Beauty and the Beast (نسخة 2027 المعلنة) مثلًا سيعيد القصة الكلاسيكية لكن برؤية معاصرة تركّز على مفهوم الهوية والتنوع الثقافي.

الحنين في المنصات الرقمية

لم تعد الظاهرة محصورة في السينما. فخدمة Disney+ أصبحت تعيد عرض البرامج القديمة وتنتج وثائقيات عن صناعة أفلام التسعينيات. إنها تبني "متحفًا رقميا للذاكرة" يحافظ على ارتباط الجمهور بالشركة في كل جيل.

الجانب الفلسفي: هل الحنين يعطل المستقبل؟

من منظور فلسفي، يمكن القول إن الإفراط في الحنين قد يخلق “جمودًا ثقافيًا”، حيث يصبح الماضي مهيمنًا على الخيال. فبدلًا من أن نتخيل عوالم جديدة، نظل نعيد تدوير ما كان. ومع ذلك، يرى بعض المفكرين أن الحنين ليس هروبًا من الحاضر بل وسيلة لفهم الذات من خلال استعادة الجذور.

خاتمة

الحنين هو الخيط الذي يربط أجيال ديزني ببعضها. ومع أنه أداة تسويقية فعالة، إلا أنه يحمل خطرًا حقيقيًا: أن يصبح الماضي بديلاً عن الإبداع. يبقى السؤال الأهم: هل ستكتفي ديزني باستحضار ذكرياتنا، أم ستمنحنا في المستقبل ذكريات جديدة لنشتاق إليها؟

الأسئلة الشائعة

لماذا تكرر ديزني أفلامها القديمة؟

لأنها تراهن على عاطفة الحنين التي تدفع الجمهور لمشاهدة قصص يعرفها مسبقًا ولكن بصيغة بصرية جديدة.

هل يعكس ذلك نقصًا في الإبداع؟

البعض يرى أنه تراجع فني، بينما تعتبره ديزني تطويرًا طبيعيًا لأعمالها التاريخية.

هل الأطفال يستمتعون بهذه النسخ الجديدة؟

نعم، ولكن بدرجة مختلفة، فبينما يرى الكبار “ذكرياتهم”، يعيشها الأطفال كما لو كانت جديدة تمامًا.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال

🌸 مواقعنا الأخرى

للمزيد من المحتوى المتنوّع زوروا: